* الحلقة الـ 9 من كتاب « كيف نعلم أبناءنا تحمل المسؤولية » للكاتبة الكبيرة : « سلوى المؤيد » تحت عنوان : كيف نوقف سلوك الأبناء السيئ ؟
...........................................
لوسألنا إنفسنا هل يتوقف أبنائنا عن سلوكهم السيىء ..لو أن خطابنا لهم أخذ شكل الأمل والتمني ليتوقفوا عن ذلك السلوك ..المثال الذي سأستعرضه يرينا أننا نحلم إذا كنا نظن أنهم سيتوقفون .
شهرزاد طفلة في الرابعة من عمرها ..وجدت جهاز الكمبيوتر أمامها في غرفة مكتب والدها ..فأثار فضولها..وأرادت أن تعبث بمفاتيحه عندما دخلت أمها الغرفة
قالت الأم : شهرزاد أتمنى منك أن لا تلعبي مع كمبيوتر والدك .
ماذا فعلت شهرزاد ؟ تجاهلت كلام أمها وأمنيتها ..وتابعت العبث بمفاتيح الطباعة
حاولت معها والدتها مرة أخرى لكي تترك الجهاز.
قائلة :شهرزاد أنت تعلمين أن والدك لا يعجبه أن تلعبي بجهاز الكمبيوتر"
لكن شهرزاد واصلت العبث بمفاتيح الطباعة ..وبدأت الأم تفقد أعصابها فقالت بحدة :
لقد بدأت أغضب من تصرفك ..وأتمنى فعلاً أن تتوقفي قبل أن يزداد غضبي
ماذا فعلت شهرزاد ..؟ واصلت العبث بمفاتيح الطباعة .
وهنا أسأل القاريء ..هل وجد في كلام الأم عبارة واضحة تقول من خلالها لإبنتها ماذا تتوقع منها أو ما هو المطلوب منها حتى تتوقف عن اللعب بجهاز الكمبيوتر ؟
الواضح أن شهرزاد لم تسمع هذه العبارة.
الأمل والتمني والرغبة .. المشاعر التي أبدتها الأم لإبنتها لكي تتوقف..ليست لها علاقة بإن ابنتها يجب أن تتوقف ..وطاعتها تعتمد على اختيارها هي .. ولا تعني أنها يجب أن تتوقف .
الأبناء عندما يقابلون عبارات شبيهة بهذه العبارة يحاولون جس نبض الطرف الآخر ..بإن يجربوا عمل العكس لكي يتأكدوا أن هذا الطرف جاد فيما يطلب ..وهذا ما فعلته شهرزاد عندما واصلت اللعب بمفاتيح الطباعة في جهاز كمبيوتر والدها .
هناك طريقة سلبية أخرى يستخدمها الآباء ..هي إعادة الطلب للطفل وتذكيره به لكي يتوقف عن سلوكه الخاطيء
وسأستعرض مثال حتى يدرك الآباء ما هي هذه الطريقة ليتفادوها مع أبنائهم
استلقى علي على الكرسي في غرفة التلفزيون يشاهدبرنامجه المفضل بصوت عال
تضايق والده من علو صوت التلفزيون فناداه من الغرفة الأخرى :علي أخفض صوت التلفزيون .
لكن علي تجاهل طلب والده فهو متشوقاً لإحداث الفيلم الذي يشاهده
مرت عدة دقائق وصوت التلفزيون لا زال عالياً .
صرخ والده بعد أن بدأ يفقد هدوء أعصابه :
تجاهل علي مرة أخرى طلب والده ..مما أثار الأب ..فدخل الغرفة مندفعاً غاضباً ووقف بين إبنه وجهاز التلفزيون قائلاً : هل ستقفل التلفزيون بنفسك أم أقفله أنا ؟
حينذاك فقط أخفض علي صوت التلفزيون .
(٢)
لنحلل ذلك الموقف التربوي لندرك أين نقاط الضعف التي تجعل الولد لا يلتزم بكلام والده من البداية.
عندما تجاهل علي طلب والده لإول مرة ..لم يفعل الأب شيئاً ..وعندما رجاه في المرة الثانية ولم ينفذ علي رجائه .. لم يفعل الأب شيئاً ..إذا كان والد علي لم يفعل شيئاً لوقف سلوك إبنه ..فلماذا يهتم علي ؟ ..وكذلك حدث الأمر نفسه في المرة الثانية ..فلماذا يأخذ علي كلامه مأخذ الجد؟ .
هناك إذا رسالة غير واضحة يرسلها الأب لإبنه ..تحيره ..والده يطلب منه أن يخفض صوت التلفزيون ..لكن فعله يقول لإبنه :
لن أفعل أي شيء إذا لم تخفض الصوت ..على الأقل في الوقت الحاضر إذا كنت تريد أن تشاهد برنامجك بصوت عال .
أي أن الولد سيتبع هذه الرسالة التي لمسها في تصرف والده..وهي عكس ما يريده الأب .
يخطأ الآباء كثيراً عندما يعيدوا ويذكروا أبنائهم دون قصد منهم..لإنهم يعلمون أبنائهم كيف يتجاهلوهم..وأمثال علي ووالده كثيرون في المجتمع..لذلك يشتكي الآباء من عدم طاعة أبنائهم لهم .
إن الطفل لا يتوقف عن سلوكه السيء إلا إذا وجد موقفاً حازماً جاداً من الأب ..بإن يمنع الطفل لمدة محددة من مشاهدة التلفزيون لإنه لم يلتزم بما طلبه منه ..ما يقوله الآباء للأبناء ليتوقفوا عن سلوك سلبي ..يجب أن يتبعه فعل حازم يحترم به الأبناء ما يطلبه منهم آبائهم ..ولا أكتفي بهذه الأساليب المتسامحة الغير مؤثرة ..لإن هناك المزيد منها علينا كآباء الإلمام بها لكي نستفيد منها في وضع الحدود لإبنائنا ليعرف كل فرد في العائلة أين حقوقه وواجباته .